هنيئا لمنزل المواطن عزمي نصر من مخيم النصيرات المستثنى من قطع التيار الكهربي خلافا عن بقية منازل قطاع غزة المتقلّبة في مقلاة الصيف.
القصة أن عزمي لا تجمعه أي اتفاقية مع شركة الكهرباء وإنما تمكن من تحويل الطاقة الشمسية إلى طاقة كهربية تكفيه للإنارة وتشغيل بعض الأجهزة .
فوق سطح المنزل تقبع ألواح "السيزيام" بلونيها الأسود والفضي مثبتة فوق حامل حديدي, خلفها تماما تتشابك بعض الأسلاك قبل أن تلج في عمق بطارية ومحول كهربي .
تدغدغ تجربة عزمي الناجحة أحلام كل من يعاني من قيظ الصيف حين تصبح رؤية المروحة الكهربية تدور مجرد حلم!.
ومنذ أسبوعين لا يشعر هو وأسرته بغياب التيار الكهربي-الضيف العزيز هذه الأيام-ولا يتجشّم عناء أو تكاليف الحصول على طاقة بديلة عبر المولدات الاعتيادية.
ضوء طبيعي وصناعي
يمثل عزمي أمام ألواحه فخورا بما صنع مؤكدا أن كل لوح من ألواح "السيزيام" عند تعرضه لضوء طبيعي أو صناعي ينتج طاقة كهربية مقدارها "75 وات".
يشير بأصبعه للألواح ويضيف: "يوجد أيضا في الألواح مادتا جيرمانيوم أو السيلكون فالألواح تمنحك طاقة كهربية مجانية" .
وتعد ألواح السيزيام تلك مصدرا للحصول على طاقة كهربية يستخدمها المهتمون وبعض الفرق العسكرية في الصحراء وأثناء المهمات الخاصة .
وأكد أن الحاجة أم الاختراع كما يقولون فنقص الطاقة الواضح في غزة بسبب الحصار دفعه للتفكير في تطبيق تجربة عملية منحته طاقة مجانية .
وأشار إلى أن الطقس في 85% من أيام السنة مشمس ما يوفر طاقة ضوئية يمكن تحويلها لطاقة كهربية عبر تلك الألواح واستخدامها بشكل مباشر وعملي.
يفرك أصبع السبابة بالإبهام ويضيف: "بإمكانك الحصول على تيار كهربي مجاني وتلافي مشاكل المولدات الكهربية العادية التي أرهقت الكثيرين " .
مكونات المشروع
ويعرّض عزمي أستاذ مادة العلوم في مدرسة ذكور دير البلح الإعدادية ألواحه قبالة أشعة الشمس فوق سطح منزله طلبا لضوء الشمس الذي أصبح يعني له الكثير.
ويتكون جهاز توليد الطاقة هذا من أربعة أجزاء أولها الألواح الشمسية المثبتة وثانيها محول بقدرة 12 فولت يعطي 220 فولت وثالثها لوحة تحكم بالشحنة الكهربية ورابعا بطاريات 110 أمبير لتخزين الطاقة نهارا واستخدامها ليلا .
يدور بساقيه نصف دائرة حول جهازه قبل أن يؤكد أنه من الصعب الحصول على ألواح السيزيام تلك حيث لا يفكر فيها إلا من يعرف قيمتها!.
وتمكن عزمي من الحصول على تلك الألواح بعد جهد جهيد في حين لم يستغرق تركيب الجهاز منه وإعداد الوصلات سوى يوم واحد .
لا تمل الألواح من امتصاص أشعة الشمس ففي كل لوح 36 وحدة متساوية الحجم تعطي كل وحدة منها 2 وات وقد قام بتوصيل الألواح بالتوازي ثم أخرج منها قطبين موجب وسالب .
تتدلى من جهاز التوليد وصلة كهربية تمتد من سطح المنزل وتلج في شبكة كهرباء البيت ما يجعل تشغيل الجهاز تماما كمن يحصل على كهرباء من مصدر خارجي كما المعتاد من أعمدة الكهرباء .
نجحت تجربة عزمي وتمكن من تشغيل بعض الاجهزة الكهربية مثل "التلفزيون والمروحة" وإنارة المنزل بالكامل مدة تزيد عن 6 ساعات في حين تكفي تلك الطاقة لانارة البيت 12 ساعة من غير أجهزة كهربية .
وقال إن زيادة عدد الألواح وقدرة البطارية تزيد من قوة التيار الكهربي ما يعني أنه من الممكن تشغيل المنزل بالكامل إذا زدنا عدد الوحدات المستقبلة للشمس .
فوق سطح المنزل
ويعد سطح المنزل القابع في مخيم النصيرات مختبر عزمي الميداني حيث يركز مؤخرا على تجارب لتوفير الطاقة من مصادر مجانية .
الاولاد والزوجة سعدوا بذلك الاختراع حتى الجيران قفزت في رؤوسهم علامات الدهشة وهم يشاهدون منزله منارا دون سماع صوت مولد كهرباء أو تلمس رائحة الرصاص المنبعث من عادم المولدات .
ويمضي عزمي معظم وقته أثناء العمل في مختبر المدرسة الذي يعتبره مملكته الصغيرة بينما شكلت التجربة العملية عنده هواية منذ الصغر .
وحاز نهاية العام على الترتيب الاول من بين مدرسي مادة العلوم في مدارس وكالة الغوث بالوسطى بينما لازالت تجربته الأخيرة بين يدي أصدقاء قلّة وبعض المهتمين .
وكان عزمي قد تمكن في العامين الماضيين من صناعة فرن شمس وغاز منزلي من روث الحيوانات عبر تجربتين باستخدام الطاقة والغاز في منزله إبان عمق الأزمة الماضية .
ويأمل في وجود مؤسسات محلية تهتم بمثل هذه التجارب بل وتطورها لتصبح في متناول يد الكثيرين حيث أنها تجارب ناجحة ومصادر طاقة مجانية تساهم في تخفيف أعباء الحصار .
وقد تكون تجربته في الحصول على تيار كهربي مكلفة نسبيا بسبب ارتفاع ثمن الألواح لكنها عملية واقتصادية إذا ما قورنت بتكلفة تشغيل المولدات ومشاكلها اللامتناهية طوال العام لاسيما وأننا في العام الرابع من مشكلة الكهرباء الممتدة.